تغوص رواية "الزنجيّة" في عمق جراح الأنثى الإفريقية وتميط اللثام عن المسكوت عنه وهي تقتحم الطابوهات التي تخفي أزمة الإنسان، كما تختزل واقعا مريرا تعيشه المرأة في افريقيا. وتعكس مأساة الأنثى الزنجيّة التائهة في نفق التقاليد والمتخبطة في دوامة الجهل والقهر والعنف، كتعرضها للاعتداء النفسي والجسدي والجنسي وما ينجر عنه من آثار على حياتها مستقبلا كظاهرة ختان الفتيات وهن في عمر الزهور. ولم تغفل الرواية عن التراث الإفريقي الساحر والزاخر بالألوان والطقوس وإعطائه البعد الثقافي العالمي وما يتميز به من خصوصية وقيّم تاريخية...، بالإضافة إلى موضوع الهجرة ونزوح الأعداد الهائلة من الأفارقة وخاصة المرأة والأطفال نحو دول الشمال بحثا عن رغيف الخبز والحياة الكريمة، وما يتعرضون له من مخاطر في الصحراء هروبا من المطاردة. وهذا ما عاشته بطلة الرواية "بلانكا" وزوجها عندما قررا الهجرة إلى بلد شمالي كان يحلمان بالعيش فيه تحت سقف مع رغيف خبز واطمئنان. لكن حدث لهما ما لم يكن في الحسبان. الرواية في رأي الناشر هي وجه من أوجه المعاناة الإنسانية، العنصرية تجاه الآخر المختلف طبيعيا لم تغب طيلة تاريخ البشرية الطويل، رغم نضالات الحقوقيين وصراعات الزنوج ضد القهر والاحتقار. إذ حاولت المؤلفة الكتابة عن عالم داخلي مليء بالأسئلة والحيرة الوجودية لأناس لا ذنب لهم سوى أن الطبيعة اختارت لهم لونـــا لا تــزال قـوى التخلــف تعاديــه.